العرض في الرئيسةفضاء حر

ضمائر مفصلة كنعالٍ على مقاس القدم السعودية

يمنات

محمد عايش

إذا أردت أن تكون ضحية في هذه البلاد؛ فإن عليك اختيار جلاديك أولاً وبعناية، كي تضمن أن يتضامن الناس معك.

أن تكون إعلامياً وتُقتل؛ فإن على قاتلك أن يكون “حوثيا” كي تقوم قيامة العالم معك تنديداً وشجباً..

أما إذا قُتلت بطيران السعودية في ضحيان، مثل هاشم الحمران، مراسل قناة المسيرة؛ فإنك لن تجد أحدا يترحم عليك إلا أصحابك..

حتى لو لم تكن حوثيا، و كنت صحفيا مستقلا، و قتلك القصف السعودي، كما حدث للزميل مقداد مجلي، مراسل شبكة إيرين التابعة للأمم المتحدة؛ فلن يكتب عنك أحد ولو منشورا واحدا..

من قال لك أن تُقتل بطيران السعودية أصلاً؟!

فين راح الحوثيين؟ تزبط النعمة و تموت على أيدي غيرهم فتحرم نفسك حتى من بيان تعزية عن نقابة الصحفيين، ليش؟!

إذا أردت أن تكون مُختَطَفاً فعلى خاطفيك أن يكونوا حوثيين، وإلا فلن يذرف عليك أحدٌ دمعة واحدة..

لا تودف ودافة حمدي البكاري الذي اختطفته “المقاومة”، فلم يجد المتضامنون ما يتضامنون به معه إلا “لا حول ولا قوة إلا بالله” مع أنهم كانوا قد بدؤوا في إشعالها كالنار حين قيل إن خاطفيه حوثيون، و لما اتضح أنها “المقاومة” حك الجميع مؤخراتهم و.. سكتوا.

إذا أردت أن تُقتل بطريقة بشعة بسبب كونك ليبراليا؛ فعلى قاتليك أن يكونوا حوثيين .. وإلا فطز وستين طز فيك و في دمك..

احذر أن تخطئ خطأ الشاب التعزي أنور الوزير الذي سحبته القاعدة من مائدة غدائه مع طفلاته، و قتلته أمامهن و أمام الله و خلقه لأنه “ليبرالي”، فلم يتعاطف معه أحد و لم يكتب عن قضيته إلا اثنين مفسبكين من أصدقائه..

نشطاء التفاهة و إعلاميو الميوعة، كأسيادهم ساسة البيع و الشراء؛ لا يهمهم من الضحايا إلا نوعية واحدة، كن مختوما بختم هذه النوعية، أو فلتأكلك الكلاب و لا بواكي عليك.

حتى حين تكون طفلا أدماك القصف السعودي فتصرخ مذعورا في مقطع فيديو “بانموت و إلا لا..؟!” فإن صرختك لن تثير ضمير أحد من ذوي الضمائر المفصلة، كنعالٍ، على مقاس القدم السعودية..

لن تحصل صرختك على نفس الاحتفاء الذي حصلت عليه (وهي تستحقه) صرخة نظيرك الطفل اليمني الآخر صاحب “لا تقبروناش”..

هو صرخ بها بعد قصف “حوثي” فاستحقت، وأنت بعد قصف “سعودي” فلا تستحق!

تف عليها من نخب وتف عليها من ضمائر..

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى